
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]. أي: إن الله تعالى يثني على نبيه في الملأ الأعلى، وملائكته يثنون عليه ويدعون له، وفي ذلك بيان علو شأن النبي ﷺ؛ لكون الله تعالى وملائكته يصلون عليه.
ومن ثم يأتي التوجيه للفئة المؤمنة بأن يدعوا الله أن يصلي على نبيه محمد ﷺ، وأن يحيوه بتحية الإسلام، فيقولوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعًا.
عن كَعبِ بنِ عُجْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (سألْنا رَسولَ اللهِ ﷺ، فقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، كيف الصَّلاةُ عليكم أهلَ البَيتِ؛ فإنَّ اللهَ قد علَّمَنا كيف نُسَلِّمُ عليكم؟ قال: قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ، كما صَلَّيتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ؛ إنَّك حميدٌ مَجيدٌ، اللَّهمَّ بارِكْ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ، كما بارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ؛ إنَّك حميدٌ مجيدٌ). [رواه البخاري (3370) واللفظ له، ومسلم (406)]
قال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة الأحزاب:
إن الصلاة والسلام على النبي ﷺ من مقتضيات الإيمان؛ فامتثال هذا الأمر زيادة في الإيمان، ومعصيته نقص في الإيمان؛ وذلك لأن النداء كان بوصف الإيمان.
ومن أهم مواطن الصلاة على النبي ﷺ التي يتأكد طلبها عند الدعاء، جاء في القول البديع للسخاوي: وعن أبي سليمان الداراني قال: من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي ﷺ ويسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي ﷺ فإن الله يتقبل الصلاة وهو أكرم من أن يرد ما بينهما.
وعن فضالة بن عبيد (سَمِعَ رسولُ اللهِ ﷺ رَجُلًا يَدْعو في الصلاةِ، ولم يَذْكُرِ اللهَ عزَّ وجلَّ، ولم يُصَلِّ على النبيِّ ﷺ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: عَجِلَ هذا [أي: اسْتَعْجَل بالطَّلَبِ، وتَرَكَ ما كان يَنبَغي له أنْ يَبدَأَ به مِنْ آدابِ الدُّعاءِ]، ثُمَّ دَعاه فقال له ولِغَيرِه: إذا صلَّى أحَدُكُم فليَبْدَأْ بتَحْميدِ ربِّه، والثَّناءِ عليه، ثُمَّ لِيُصَلِّ على النبيِّ، ثُمَّ لِيَدْعُ بعدُ بما شاءَ).[أخرجه أبو داود (1481)، وصححه الألباني]
وعن أَبِي سُلَيْمَان الدَّارَانِيِّ، قال: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ حَاجَةً فَلْيَبْدَأْ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَخْتِمُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَرُدَّ مَا بَيْنَهُمَا. [تفسير القرطبي].
قال ابن القيم في جلاء الأفهام:
الموطن السابع من مواطن الصلاة عليه ﷺ: عند الدعاء. وله ثلاث مراتب:
الأولى: أن يُصلِّي عليه قبل الدعاء وبعد حمد الله تعالى،
والثانية: أن يُصلِّي عليه في أول الدعاء وأوسطه وآخره،
والثالثة: أن يُصلِّي عليه في أوله وآخره، ويجعل حاجته متوسطة بينهما.