
ثبتَت لسورة الفاتحة عدَّةُ أسماء، وهي: فاتحة الكِتاب- أمُّ القرآن- أُمُّ الكِتاب- السَّبْع المَثاني - القُرآن العظيم- سورة الحَمْد.
ولسورةِ الفاتحة فضائلُ كثيرة، وخصائصُ عظيمة منها:
1- أنها أعظم سورة في القرآن العظيم
ودليل ذلك ما رواه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى، قال:
كُنْتُ أُصَلِّي في المَسْجِدِ، فَدَعانِي رَسولُ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ أُجِبْهُ،
فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ أُصَلِّي،
فقالَ: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]؟
ثُمَّ قالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ السُّوَرِ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرادَ أنْ يَخْرُجَ،
قُلتُ له: ألَمْ تَقُلْ: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟
قالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ) [رواه البخاري:4474].
2- أنَّها نور، ولم يُؤْتَها نبيٌّ قبل محمَّدٍ ﷺ
عن ابن عبَّاس -رضي الله عنهما-، قال:
بينما جبريلُ قاعدٌ عند النبيِّ ﷺ، سمِع نقيضًا من فوقه؛ فرفَع رأسَه،
فقال:
هذا بابٌ من السَّماء فُتِح اليوم، لم يُفتح قطُّ إلَّا اليوم، فنزل منه مَلَك،
فقال:
هذا ملَكٌ نزل إلى الأرض، لم ينزلْ قطُّ إلَّا اليوم، فسلَّم،
وقال:
أبشِرْ بنورَينِ أوتيتَهما، لم يُؤتَهما نبيٌّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تَقرأ بحرفٍ منهما إلَّا أُعطيتَه) [رواه مسلم: 806].
3-هي رقيةٌ شافيةٌ بإذن الله –تعالى-
عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ -رضي الله عنه-، قال:
انطلَق نفرٌ من أصحابِ النبيِّ ﷺ في سَفرةٍ سافروها، حتى نزَلوا على حيٍّ من أحياء العرب، فاستضافوهم فأَبَوْا أن يُضيِّفوهم، فلُدِغ سيِّد ذلك الحيِّ، فسَعَوا له بكلِّ شيءٍ، لا ينفعه شيءٌ،
فقال بعضُهم: لو أتيتم هؤلاءِ الرهطَ الذين نزلوا؛ لعلَّه أن يكون عند بعضهم شيءٌ، فأتوْهُم،
فقالوا: يا أيُّها الرهط، إنَّ سيِّدنا لُدِغ، وسَعَينا له بكلِّ شيءٍ، لا ينفعُه؛ فهل عند أحدٍ منكم من شيءٍ؟
فقال بعضهم: نعَمْ، واللهِ إني لأرقي، ولكن واللهِ لقدِ استضفناكم فلم تُضيِّفونا! فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعلًا، فصالَحوهم على قَطيعٍ من الغَنم، فانطلق يتْفُل عليه، ويقرأ: الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، فكأنَّما نشِط من عِقال، فانطلَق يمشي وما به قَلَبَةٌ [أي: ألم ومرض]،
قال: فأوْفوهم جُعلَهم الذي صالحُوهم عليه، فقال بعضُهم: اقسِموا،
فقال الذي رقَى: لا تَفعلوا حتى نأتيَ النبيَّ ﷺ فنذكُرَ له الذي كان، فننُظرَ ما يأمرُنا، فقدِموا على رسولِ الله، فذكروا له،
فقال: وما يُدريك أنَّها رُقيةٌ؟!
ثم قال: قد أصبتُم، اقسِموا، واضرِبوا لي معكم سهمًا، فضحِكَ رسولُ الله ﷺ) [رواه البخاري:2276].
4-بقِراءتها تحصُل المناجاةُ في الصَّلاة بين العَبدِ وربِّه
عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أنَّ النبيَّ ﷺ قال:
مَن صلَّى صلاةً لم يقرأْ فيها بأُمِّ القرآن، فهي خداجٌ -ثلاثًا- غير تمام،
فقيل لأبي هُرَيرَة: إنَّا نكونُ وراءَ الإمام،
فقال: اقرأْ بها في نفسِك؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول:
قال الله –تعالى-: قسمتُ الصلاة بَيني وبَين عبدي نِصفين، ولعَبدي ما سأل،
فإذا قال العبدُ: الحمدُ لله ربِّ العالَمين،
قال الله تعالى: حمَدني عَبدي،
وإذا قال: الرَّحمن الرَّحيم،
قال الله تعالى: أثْنَى عليَّ عبدي،
وإذا قال: مالِك يومِ الدِّين،
قال: مَجَّدني عبدي، (وقال مرَّة: فوَّض إليَّ عبدي)،
فإذا قال: إيَّاك نعبُدُ وإيَّاك نستعين،
قال: هذا بَيني وبَين عبدي، ولعَبدي ما سأل،
فإذا قال: اهدِنا الصِّراطَ المستقيمَ صِراطَ الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالِّين،
قال: هذا لعَبدي، ولعبدي ما سألَ)[رواه مسلم:395].
وفي ختام هذا العرض لنسائم سورة الفاتحة وعظائم فضائها،
يتبيَّن أن هذه السورة الموجزة احتوت في كلماتها المفتاحية أعظم معانٍ: تمجيد الخالق، والتوحيد في الربوبية والإلهية، والدعاء بالهداية إلى سبيل الحق، وعلاج النفوس والأبدان بنور الوحي. فلتكن فاتحة كتاب الله دوماً لنا نورًا وهدايةً، وسبيلًا إلى رضوان الله ونيل مغفرته.
شاركنا رأيك: هل كنت تعرف فضائل سورة الفاتحة؟