آفة السوشيال ميديا.. نشر الفضائح وتتبع عورات الناس

آفة السوشيال ميديا.. نشر الفضائح وتتبع عورات الناس
2025/09/03

مقدمة

جاء القرآن الكريم هاديًا للبشرية، حاميًا للمجتمع من كل ما يهدد طهارته واستقراره، فشرّع من التشريعات ما يحفظ الأعراض ويغلق أبواب الفتن. ومن أبلغ ما ورد في هذا الباب قوله تعالى:

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19].

هذه الآية ليست مجرد تحذير من فعل مشين، بل إنذار شديد لمن يرضى بانتشار الفواحش، فكيف بمن يتعمد نشرها وتتبعها؟ إنها دعوة للمسلم للحفاظ على نقاء المجتمع وصيانة الأعراض.

معنى الفاحشة في القرآن

الفاحشة في اللغة هي كل فعل أو قول بلغ الغاية في القبح.
وفي القرآن الكريم، تشمل كل ما يهدم الأخلاق ويخدش الحياء، كالزنا، الغيبة، والنميمة. وردت الآية في سياق حادثة الإفك لتبين أن إشاعة الفاحشة جريمة تهدد تماسك المجتمع وقيمه الأخلاقية، فهي ليست مجرد ذنب فردي، بل ضرر يعم الجماعة.

تتبع العورات ونشر الفضائح

من أخطر صور إشاعة الفاحشة تتبع عورات الناس ونشر زلاتهم. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

لو رأيتُ الفضيحة بأم عيني لسترتُها بردائي، فإن مذيع الفاحشة كفاعلها.
هذا القول يعكس خلق الستر، فالمؤمن لا يفرح بزلة أخيه، بل يسعى للستر والرحمة، مدركًا أن نشر الفضيحة يشعل نار الفتنة ويهدم الثقة بين أفراد المجتمع.

من ستر مسلمًا ستره الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة» [رواه مسلم: 2699].
ستر العيب خُلق رفيع يرفع صاحبه عند الله، بينما كشفه ونشره سبب للفضيحة في الدنيا والعقوبة في الآخرة. قال الإمام النووي رحمه الله:
في هذا الحديث فضل ستر المسلم، وهو من مكارم الأخلاق المأمور بها.

وسائل التواصل الاجتماعي وإشاعة الفاحشة

في عصرنا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ميدانًا خصبًا لنشر الشائعات والفضائح. يتداول الناس أخبارًا كاذبة وصورًا مسيئة دون تحقق، مما يضاعف الإثم. قال ابن كثير في تفسيره:

أي يحبون أن يفشو القبيح في المؤمنين ويشيع فيهم.
اليوم، قد يتسبب ضغطة زر واحدة في إشاعة الفاحشة، مما يجعل المسؤولية أعظم في ضبط النفس والتحقق قبل النشر.

رسالة معاصرة

على المسلم أن يجعل لسانه وقلمه – ووسائل تواصله – أدوات للخير لا للشر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» [رواه البخاري: 6018، ومسلم: 47].
فلنكن دعاة خير وساتري عيوب، لا ناشري فضائح.


قال الشاعر أبو العتاهية

 إذا شئتَ أن تحيا سليمًا من الردى
ودينُك موفورٌ وعِرضُك صَيِّنُ

لسانَك لا تذكر به عورةَ امرئٍ
فكلك عوراتٌ وللناسِ ألسنُ

 

وفي الختام

تذكر أن المجتمع الذي يُشيع الستر تُظَلِّله الرحمة، والمجتمع الذي يُشيع الفواحش يوشك أن ينهار.

شاركنا في التعليقات هل تعتقد أن مشاركة الفضائح على السوشيال ميديا تُعد ذنبًا مثل ارتكابها؟


 

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة