خطة عملية لعشر ذي الحجة: لا تجعلها تمرّ كغيرها

خطة عملية لعشر ذي الحجة: لا تجعلها تمرّ كغيرها
2025/05/27

حثّنا النبي ﷺ على اغتنام مواسم الخير والتعرض لنفحات رحمة الله تعالى. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ:

(افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ من رحمتِهِ، يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ) [رواه الطبراني وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة (1890)]

ومن أعظم هذه النفحات: عشر ذي الحجة، التي تتضاعف فيها الأجور، وتكثر فيها أبواب البر والطاعة.

 

قال ابن الجوزي في التبصرة:

قال أبو عثمان النهدي: كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من المحرم.

 

أسباب تفضيل عشر ذي الحجة:

قال ابن حجر رحمه الله في الفتح:

والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة: لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره.

 

وهذه بعض أسباب تفضيل عشر ذي الحجة على وجه التفصيل:

1-أن الله تعالى أقسم بها:

والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالى: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر:1-2]. وهي عشر ذي الحجة.

قال ابن رجب في لطائف المعارف:

هذا الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين من السلف وغيرهم.

 

2- أن فيها يوم عرفة:

وهو أكثر يوم يعتق الله فيه عباده من النار، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:

قال رسول الله ﷺ:

(ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ) [أخرجه مسلم (1348)]

 

3-أن فيها يوم النحر:

وهو أعظم الأيام عند الله، قال رسول الله ﷺ:

(إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القَرِّ) [رواه أبو داود وصححه الألباني (1765)]

ويوم النحر هو عاشر ذي الحجة، ثم يوم القر، وهو ثاني يوم النحر، وسمي بذلك؛ لأن الحجيج يقرون فيه بمنى بعدما أدوا أعمالهم.

 

خطة عملية لعشر ذي الحجة:

عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال:

(ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، [يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ] قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ)[ رواه البخاري (969)]

 

قال ابن حجر في فتح الباري:

وفي الحديث تفضيل بعض الأزمنة على بعض، كالأمكنة، وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة.

 

ومفهوم العمل الصالح واسع شامل ينتظم كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، وهذه خطة عملية تفيدك بإذن الله في اغتنام عشر ذي الحجة:

 

1-أداء الحج: 

فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المشروع فنرجو أن يكون له نصيب من قول رسول الله ﷺ:

(الحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ) [أخرجه البخاري (1773)، ومسلم (1349)]

 

2-التكبير:

فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله، لقول الله تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) [الحج: 28] .

قال ابن رجب في لطائف المعارف:

جمهور العلماء على أنَّ هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة.

 

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال:

(ما من أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ من هذه الأيَّامِ العَشْرِ، فأكْثِروا فيهِنَّ من التَّهْليلِ والتَّكْبيرِ والتَّحْميدِ) [أخرجه احمد وصحّحه الأرناؤوط (5164)]

 

3-الصيام:

فيسن صوم تسع ذي الحجة. فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي ﷺ قالت:

(كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ يصومُ تسعَ ذي الحجَّةِ، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثةَ أيَّامٍ من كلِّ شَهْرٍ، أوَّلَ اثنينِ منَ الشَّهرِ والخميسَ) [أخرجه أبو داود وصححه الألباني (2437)]

 

قال ابن مفلح رحمه الله في الفروع:

ويستحب صوم عشر ذي الحجة، وآكده التاسع، وهو يوم عرفة، إجماعًا.

 

4-الأضحية:

فقد ضحى رسول الله ﷺ، وأخبر أن الأضحية سنة المسلمين، عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:

(مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فإنَّما ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وأَصابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ) [أخرجه البخاري (5546)، ومسلم (1962)]

 

5-الاجتهاد في العبادة:

قال ابن رجب في فتح الباري:

كان سعيد بن جبير إذا دخل العشر اجتهد اجتهادًا حتى ما يكاد يقدر عليه، وروي عنه، أنه قال: لا تطفئوا مصابيحكم في العشر؛ تعجبه العبادة.

 

وفي ختام الحديث عن فضل عشر ذي الحجة، فلنغتنم أيامها بطاعة الله والتقرب إليه بكل عمل صالح، فإنها فرصة لا تعوّض.

 

نسأل الله أن يرزقنا فيها القبول والإخلاص، وأن يجعلنا من عباده الفائزين

 

شاركنا لنستفيد:

ما العمل الذي تشعر أنه سيكون الأقرب لقلبك والأحب إلى الله في هذه الأيام المباركة؟

 

بحث

الأكثر تداولاً

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة