إعجاز يتكرر كل يوم..آية الذاريات تخبرك بسر السماوات

يقول تعالى منبهًا على خلق العالم العلوي: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾[الذاريات:47].

وأخبر سبحانه وتعالى في هذه الآية عن أمرين:

أولاً: إنه بناها بقوته وقدرته فقال: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ)

أي: خلقناها وأتقناها بقوة وقدرة عظيمة، وذكر البناء في السماوات؛ لأن البناء باق إلى قيام الساعة لم يسقط منه شيء، ولم يعدم منه جزء، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَبَنَیۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعࣰا شِدَادࣰا﴾ [النبأ: ١٢].

ووجه الإعجاز العلمي هنا أن السماء بناء محكم التشييد، دقيق التماسك والترابط، وليست فراغًا كما كان يعتقد إلى عهد قريب، وهذه حقيقة لم يدركها العلماء إلا في القرن العشرين، بل في العقود المتأخرة منه.

ثانيًا: إنه وسعها فقال: ﴿وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾

أي: وإنَّا لَموسعون لأرجاءِ السماء، فالأرض وما يحيط بها من الماء والهواء بالنسبة إليها كحلقة في الصحراء، وقيل: أي لجاعلون بينها وبين الأرض سعة.

واستدل به على أن السماء كرة لا سطحية؛ وجه الدلالة: أن قوله: ﴿وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ يقتضي المبالغة في الاتساع؛ لأنه في مقام الفخر والامتنان؛ والشكل الكروي أوسع من المسطح، فالسموات طباق؛ واحدة فوق الأخرى، وإذا كانت واحدة فوق الأخرى لزم أن تكون السماء الثانية أوسع من الأولى؛ لأنها دائرة، والثالثة أوسع من الثانية... وهكذا؛ فكلما ارتفعت اتسعت السموات.

ووجه الإعجاز العلمي هنا أن الآية تشير إلى أن السماء في حالة توسع دائم، يدل على ذلك لفظ: ﴿لَمُوسِعُونَ﴾، وهو يفيد الاستمرار، وقد أثبت العلم الحديث هذه الحقيقة.

ففي عام 1929م تمكن الفلكي الأمريكي إدوين هبل من الوصول إلى الاستنتاج الدقيق الذي مؤداه حقيقة توسع الكون، التي أثارت جدلاً واسعًا بين علماء الفلك، الذين انقسموا فيها بين مؤيد ومعارض حتى ثبتت ثبوتًا قاطعًا أن المجرات لا تبتعد فقط عنا، بل هي تتباعد فيما بينها كذلك، وهذا يعني أن الكون يتوسع على الدوام.

فسبحان من عم بجوده جميع المخلوقات، وتبارك الذي وسعت رحمته جميع البريات.

تحدي التدبر:

ما الظواهر الكونية التي تراها يوميًا وتذكّرك بقوة الله وقدرته؟