مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ .. القَارِئُ الْقَانِتُ

مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ .. القَارِئُ الْقَانِتُ
2025/04/30

معاذ بن جبل رضي الله عنه هو أحد أعلام الصحابة؛ عِلمًا وفقهًا وحكمةً وجمعًا للقرآن، ولقَّبه النبيُّ ﷺ بـ "بأعلم الأمة بالحلال والحرام". وله مكانة خاصة في العناية بالقرآن، نتعرف عليها في هذه السطور.

 

اسمه وكنيته📜

هو أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ مُعَاذُ بنُ جَبَلِ بنِ عَمْرِو بنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ، البَدْرِيُّ، أسْلَمَ ولهُ ثَمَانِ عَشْرةَ سَنةً، وشَهِدَ بيعة العَقَبَة الثانية شَابًّا، وشَهِدَ المشاهِدَ كلَّها مع رَسولِ اللهِ ﷺ، وكان مِن أفضلِ شبابِ الأنصارِ حِلمًا وسخاءً.

 

علمه وفقهه 📚

وهو من كبار علماء الصحابة وفقهائهم، بل إنه تميز بعلمٍ معينٍ عن غيره من الصحابة؛ حيث يقول فيه النبيُّ ﷺ: "وأعلمُهم (أمتي) بالحلالِ والحرامِ معاذُ بنُ جبلٍ" [صحيح الجامع (868)]. أي: أعلَمُهم بأحكامِ اللهِ؛ بما هو حَلالٌ وبما هو حَرامٌ.

وقال فيه رسولُ الله ﷺ أيضًا: «مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَتْوَةٍ» [صحيح الجامع (5880)]، والرتوة: رمية سهم، وقيل: مد البصر.

ولعِلمِه وفقِههِ بعَثَه النبيُّ ﷺ إلى اليمنِ داعيا إلى الإسلامِ وقاضيًا ومُعلِّمًا.

 

من أعلام قراء الصحابة📖

وهو من كبار حفَّاظ القرآن في حياة النبي ﷺ، حتى عدَّه أنسٌ رضي الله عنه أحدَ أربعةٍ بلغوا هذه المكانةَ المميزة؛ حيث يقول:

« ‌جَمَعَ ‌الْقُرْآنَ ‌عَلَى ‌عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ. [البخاري (3810)، ومسلم (2465)].

 

تزكية نبوية 👌

ومما يشير إلى أن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، كان حافظًا مُتقنًا للقرآن، أن النبيَّ ﷺ جعله أحدَ الأربعة الذين أمر بأخذ القرآن عنهم، وتلك تزكية عظيمة لحفظ معاذ وحُسْن تلقيه القرآن؛ فعن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما-، قال: سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ يقولُ: "خُذُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ، وسَالِمٍ، مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ". [البخاري (3808)، ومسلم (2464)].

 

وقولُه ﷺ: "خُذُوا الْقُرْآنَ"؛ أي: تعلّموه. "مِنْ أَرْبَعَةٍ"؛ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ ضَبْطًا لِأَلْفَاظِهِ وَأَتْقَنُ لِأَدَائِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَفْقَهَ فِي مَعَانِيهِ مِنْهُمْ أَوْ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ تَفَرَّغُوا لِأَخْذِهِ مِنْهُ ﷺ مُشَافَهَةً وَغَيْرُهُمُ اقْتَصَرُوا عَلَى أَخْذِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ أَوْ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ تَفَرَّغُوا لِأَنْ يُؤْخَذَ عَنْهُمْ أَوْ أَنَّهُ ﷺ أَرَادَ الْإِعْلَامَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ وَفَاتِهِ ﷺ مِنْ تَقَدُّمِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَتَمَكُّنِهِمْ وَأَنَّهُمْ أَقْعَدُ من غيرهم في ذلك فليؤخذ عنهم. [شرح النووي على مسلم (16/ 17 - 18)].


مِقْدَامُ الْعُلَمَاءِ، وَإِمَامُ الْحُكَمَاءِ 🕌
ويدل كذلك على عظيم مكانة معاذ رضي الله عنه في إقراء القرآن والفقه، أنه "لَمَّا فَتَحَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ مَكَّةَ، اسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا عَتَّابَ بنَ أَسِيْدٍ يُصَلِّي بِهِم، وَخَلَّفَ مُعَاذاً يُقْرِئُهُم وَيُفَقِّهُهُم". [سير أعلام النبلاء(1/ 447)].

وقد وصفه أبو نعيم في الحلية وصفًا بديعًا فقال:

"أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، الْمُحْكِمُ لِلْعَمَلِ، التَّارِكُ لِلْجَدَلِ، مِقْدَامُ الْعُلَمَاءِ، وَإِمَامُ الْحُكَمَاءِ، وَمِطْعَامُ الْكُرَمَاءِ، الْقَارِئُ الْقَانِتُ، الْمُحِبُّ الثَّابِتُ، السَّهْلُ السَّرِيُّ، السَّمْحُ السَّخِيُّ، الْمَوْلَى الْمَأْمُونُ، وَالْوَفِيُّ الْمَصُونُ، مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْعِبَادِ وَالْأَمْوَالِ. [حلية الأولياء(1/ 228)].

 

💬 كانت تلك رحلةً قصيرةً في سيرة معاذ بن جبل .. فإذا كان الرجل قد ألهمك بعلمه وخُلُقه، فلا تبخل بنشر هذا المقال ومشاركته مع مَن تحب🖋️؛ فقد تكون سببًا في إلهام غيرك للسير على خُطا معاذ بن جبل رضي الله عنه! 📚

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة