
✨(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:199]
بعد أن بيَّن الله –تعالى– في آياتٍ سابقة من سورة الأعراف أنه يتولَّى نبيَّه ﷺ، وأن الأصنام وعبَدَتَها لا يملكون ضرًّا ولا نفعًا ⚖️؛ بَيَّن في هذه الآيةِ ما هو المَنهَجُ القَويمُ 🛤️ والصِّراطُ المُستقيمُ في مُعاملةِ النَّاسِ 🤝، ولَيْسَ في القُرْآنِ آيَةٌ أجْمَعَ لِمَكارِمِ الأخْلاقِ مِنها.📜 [تفسير الرازي- نظم الدرر للبقاعي]
وفيها يأمُرُ اللهُ نبيَّه مُحمَّدًا ﷺ أن يَقبَلَ ما تيسَّرَ مِن أخلاقِ النَّاسِ 🌿، وأن يأمُرَ بالمَعروفِ الذي يُقِرُّه الشَّرعُ 🕌، وأن يُعرِضَ عمَّن جَهِلَ عليه ، قال ابن القيم: "في هذه الآية جِماعُ الأخلاقِ الكريمةِ 🌟، وقد تضمَّن الحثَّ على حُسنِ المعاشرةِ مع الخلقِ 🤗، وأداءَ حقِّ الله فيهم، والسلامةَ مِن شرِّهم 🕊️، فلو أخَذ النَّاس كلُّهم بهذه الآيةِ لكفَتْهم وشَفَتْهم 💖؛ فإنَّ الإنسانَ مع النَّاسِ مأمورٌ أن يأخُذَ منهم ما يحِبُّ ❤️، ما سَمَحوا به، ولا يُطالِبَهم بزيادةٍ؛ فإنَّ العفوَ ما عفا مِن أخلاقِهم، وسمحَتْ به طبائعُهم، ووسِعهم بذلُه مِن أموالِهم وأخلاقِهم 💰💞، فهذا ما منهم إليه. وأمَّا ما يكونُ منه إليهم فأمرُهم بالمعروفِ 👍، وهو ما تشهدُ به العقولُ، وتعرفُ حسنَه، وهو ما أمَر الله به. وإذا فعَل معه جاهلُهم ما يَكرَهُ فإنَّه يُعرضُ عنه، ويتركُ الانتقامَ لنفسِه والانتصارَ لها ⛔، فأيُّ كمالٍ للعبدِ وراءَ هذا؟ وأيُّ معاشرةٍ لهذا العالمِ أحسنُ مِن هذه؟ 🌍💡 فلو فكَّر الرجلُ في كلِّ شرٍّ يلحقُه مِن العالمِ- أي الشرِّ الحقيقيِّ الذي لا يوجبُ له الرفعةَ والزلفَى مِن الله- وجَد سببَه الإخلالَ بهذه الثلاثِ أو بعضِها 🧐، وإلا فمع القيامِ بها فكلُّ ما يحصلُ له مِن النَّاس فهو خيرٌ له، وإن كان شرًّا في الظاهرِ". 🌱 [الرسالة التبوكية]
🌿 (خُذِ الْعَفْوَ)
وهو الركن الأول 🥇 في هذا المنهج، أي: اقبَلْ ما تيسَّرَ مِن أخلاقِ النَّاسِ، وما سَمَحت به أنفُسُهم، ولا تُغلِظْ عليهم 🕊️، فإنْ وَجدْتَ منهم خُلُقًا طَيِّبًا فاقبَلْه 🌻، وما جاءَك مِن غَيرِ ذلك فاصفَحْ عنه وتجاوَزْه، واترُكْ ما لك من الحَقِّ عليهم. 🤲 [تفسير السعدي]
قال ابنُ عطيَّة: وصيةٌ مِن اللهِ -عَزَّ وجَلَّ- لنَبيِّه ﷺ تعُمُّ جميعَ أمَّتِه 🌎، وأخْذٌ بِجَميعِ مَكارِمِ الأخلاقِ... معناه: اقبَلْ مِن النَّاسِ في أخلاقِهم وأقوالِهم ومُعاشَرتِهم، ما أتى عَفْوًا دونَ تكَلُّفٍ. 💬 [تفسير ابن عطية]
📜 وعن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ -رَضِيَ اللهُ عنهما-، قال: "أمَرَ اللهُ نَبيَّه ﷺ أن يأخُذَ العَفْوَ مِن أخلاقِ النَّاسِ". 🤝 [رواه البخاري (4644)]
💬 (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)
وهو الركن الثاني 🥈 من هذا المنهج الرباني، أي: وأْمُرِ النَّاسَ- يا مُحمَّد- بالمَعروفِ الذي يُقِرُّه الشَّرعُ 📖؛ مِن كُلِّ قَولٍ وفِعلٍ تَعرِفُ حُسنَه ونَفعَه العُقولُ والفِطَرُ السَّليمةُ، وتطمئِنُّ إليه النُّفوسُ المُستقيمةُ. 🏡 [تفسير البغوي]
🚫 (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)
وهو الركن الثالث 🥉، أي: وأعرِضْ عمَّن جَهِلَ عليك، فإذا سَفِهَ عليك، وأساءَ إليك، فلا تؤاخِذْه بزَلَّتِه. 😌 [تفسير السعدي]
قال ابنُ القَيِّم: ليس المرادُ إعراضَه عمَّن لا عِلمَ عِندَه 📚، فلا يُعَلِّمُه ولا يُرشِدُه، وإنَّما المرادُ إعراضُه عن جَهلِ مَن جَهِلَ عليه، فلا يُقابِلُه ولا يُعاتِبُه. 🤐 [مفتاح دار السعادة]
📖 أنموذج تطبيقي:
ومن القصص الرائعة المرتبطة بهذه الآية ما جاء في صحيح البخاري 📚 "قَدِمَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ علَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيْسٍ، وكانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وكانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ ومُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا كَانُوا أوْ شُبَّانًا، فَقالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أخِيهِ: يا ابْنَ أخِي، هلْ لكَ وجْهٌ عِنْدَ هذا الأمِيرِ؟ فَاسْتَأْذِنْ لي عليه، قالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لكَ عليه، قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فأذِنَ له عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عليه قالَ: هِي يا ابْنَ الخَطَّابِ![كَلمةٌ تُقالُ لِلتَّهديدِ] فَوَاللَّهِ ما تُعْطِينَا الجَزْلَ [يعني: لا تُعطينا العطاءَ الكثيرَ] ولَا تَحْكُمُ بيْنَنَا بالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ به، فَقالَ له الحُرُّ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وإنَّ هذا مِنَ الجَاهِلِينَ، واللَّهِ ما جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عليه، وكانَ وقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ"🏛️ [رواه البخاري (4642)].
📌 من الفوائد المستفادة من هذه الآية:
1️⃣ هذه الآيةُ مِن ثلاثِ كلماتٍ، تضمَّنَت قواعِدَ الشَّريعةِ ⚖️ في المأموراتِ والمنهِيَّاتِ.
2️⃣ كان أصحابُ النَّبيِّ ﷺ أكثرَ النَّاسِ فَهْمًا لِكتابِ اللهِ 📖، وعمَلًا به، ووُقوفًا عندَ حُدودِه.
3️⃣ كان عُمرُ -رضِيَ اللهُ عنه- مِن أكثرِهم وُقوفًا عنْدَ حُدودِ اللهِ –تعالَى-، وكان لا يُجاوِزُ كلامَ اللهِ أبَدًا.
سؤالنا لك ❓🤔
💡 هل تستطيع الالتزام بهذه القاعدة العظيمة؟ جرب وشاركنا قصتك! 📝
🔎 تحدي التدبر:
ابحث في سور (آل عمران - الفرقان - فصلت) عن آيات مشابهة لهذا المنهج، وشاركنا ما توصلت إليه! ✍️💡