
تخيّل قلبًا ينبض بالحياة في رمضان، يعانق كلمات الله، ويغتسل بنور القرآن.
يأتي الشهر الفضيل كضيفٍ كريم، يوقظ الروح من غفلتها، ويملأ النفس سكينةً وهمةً.
لكن ما إن تُطوى صفحاته الثلاثون، حتى يودّع البعض هذا النور، ظنًا أن القرآن زائرٌ موسمي، فيعودون إلى ظلمة الروح وثقل الهموم. ❤️
قال الله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الإسراء: 82 )
إنه شفاءٌ دائم، لا يعرف حدود الزمان! فما الذي يتركه هذا الانقطاع في نفوسنا؟ وكيف نستعيد القرآن ليكون رفيق دربنا؟ هيا نغوص معًا في هذه الرحلة.
أعراض الإنقطاع عن القران:
1- فراغ يأكل الروح.
بدون القرآن، يصبح القلب كبيتٍ مهجور، جدرانه خاوية، وأركانه تئن من الوحدة.
قال ابن القيم- رحمه الله- في كتابه زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية، والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة"
التلاوة ليست مجرد كلمات، بل حوارٌ سماوي يربط العبد بربه. وفي الحديث: "من أراد أن يُكلّم الله فليقرأ القرآن" (رواه الدارمي، صحيح )
فكيف نترك هذا الحبل الممدود، لنعيش في صمتٍ يخنق الروح؟
2- همة تترنح وضعف يتسلل.
فالقرآن شعلةٌ تُحيي النفس وتُوقدها عزيمةً.
قال تعالي : { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } (الرعد : 28)
لكنه حين يغيب، تتراخى الخطى، وتثقل الهمم، كمن يسير في طريقٍ بلا دليل. يقول الشاعر: "وإذا القرآن تركتَ فما الذي... يرفع النفسَ إلى الأعلى؟" فالقرآن ليس تلاوةً فقط، بل قوةٌ تُحرك الإرادة.
3- أيام خاوية بلا بركة
كما قال النبي ﷺ: "البيت الذي يُقرأ فيه القرآن تظهر بركته" [رواه مسلم].
البيت الذي يعانق القرآن، تتنزل فيه البركة.
لكن حين يُهجر، تصبح الأيام كصحراء جرداء، لا ماء فيها ولا ظل. قال ابن مسعود: "من ترك القرآن فقد ترك الخير كله". فهل نرضى أن نعيش في ظمأٍ روحي، بينما النبع بين أيدينا؟
4- حنين يعتصر القلب
مَن عاش ليالي رمضان مع القرآن، يعرف ذلك الشوق الذي يعتريه بعد رحيله. تلك اللحظات التي كان فيها الرفيق السماوي يملأ القلب نورًا.
قال النبي ﷺ: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه" رواه مسلم
هذا الحنين ليس للحسرة، بل دعوةٌ للعودة، فلماذا نُطيل الغياب؟
القرآن حياةٌ لا تنتهي برمضان
القرآن ليس ضيفًا يرحل، بل شريان حياة ينبض في كل لحظة.
قال قتادة: ما جالس القرآن أحدٌ فقام عنه إلا بزيادة أو نقصان ، فقرأ: وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولايزِيد الظالمين إلاخساراً.
اجعله وردًا يوميًا، ولو آيةً واحدة تُضيء دربك.
يقول الشاعر: "كلام الله نورٌ للقلوب... فمن أعرض عنه عاش في الظلماء".
فلا تدع الغبار يعانق مصحفك، بل افتحه ليعانق قلبك.
القرآن ليس شعاعًا يتلاشى بنهاية رمضان، بل شمسٌ تشرق على حياتك كل يوم.
لا تترك الفراغ الروحي يُطبق عليك، واستعن بهذا النور لتعيش في سكينةٍ وبركة.
قال تعالي: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} (طه: 123)
فهل ستجعل القرآن رفيقك الدائم؟
شاركنا في التعليقات👇 كيف تحافظ على وردك القرآني بعد رمضان؟