قال الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلشَّهَوَ ٰتِۖ فَسَوۡفَ یَلۡقَوۡنَ غَیًّا) [مريم:59].
واختلف أهل التفسير في صفة إضاعتهم الصلاة، فقال بعضهم: كانت إضاعتها تأخيرهم إياها عن مواقيتها، وقال آخرون: بل كانت إضاعتها: تركها.
والظاهر أن من أخر الصلاة عن وقتها أو ترك فرضًا من فروضها أو شرطًا من شروطها أو ركنًا من أركانها فقد أضاعها، ويدخل تحت الإضاعة من تركها بالكلية.
قال ابن كثير:
إذا أضاعوها فهم لما سواها من الواجبات أضيع؛ لأنها عماد الدين وقوامه، وخير أعمال العباد.
قال مسروق:
لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس، فيكتب من الغافلين، وفي إفراطهنّ الهلكة، وإفراطهنّ: إضاعتهنّ عن وقتهنّ.
والسبب الداعي لإضاعتهم للصلاة، أنهم اتبعوا شهوات أنفسهم وإراداتها فصارت هممهم منصرفة إليها، مقدمة لها على حقوق الله، فنشأ من ذلك التضييع لحقوقه، والإقبال على شهوات أنفسهم مثل: استماع الغناء، واللعب بالنرد، والزنا، واللهو، وما شاكل ذلك مما يقطع عن أداء فرائض الله عز وجل.
عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله: (سيَهْلِكُ مِن أُمَّتي أهلُ الكتابِ وأهلُ اللَّبِنِ. قالَ عُقبةُ: ما أهلُ الكتابِ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: قومٌ يتعلَّمونَ كتابَ اللهِ، يُجادلونَ به الَّذين آمنوا. قالَ: فقلتُ: ما أهلُ اللَّبِنِ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: قومٌ يتَّبعونَ الشَّهواتِ، ويُضيِّعونَ الصَّلواتِ).[المستدرك على الصحيحين (3461)]
والمعنى: أنهم يتركون سكنى المدن ويسكنون في البادية، لتوفر اللبن فيها، فيحرمون من الجماعات والجمع. وفي الحديث بيان خطورة اتباع الشهوات وتضييع الصلوات.
فهذا الصنف من الناس توعدهم ربنا عز وجل بواد في جهنم من قيح؛ لأنه يسيل فيه قيح أهل النار وصديدهم، وهو بعيد القعر، خبيث الطعم.
ويستفاد من الآية:
1-إن من أعظم أسباب التهاون في الصلاة اتباع الشهوات.
2-ذم من ترك شيئًا من واجبات الصلاة الظاهرة كواجب الوقت والباطنة كالخشوع.
شاركنا رأيك:
حين تسمع "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" ما أول إحساس ينتابك؟
خوف- ندم- تفكير بالتوبة
..........................
المصادر: تفسير الطبري- تفسير السعدي- تفسير ابن الجوزي- أضواء البيان للشنقيطي- الدر المنثور للسيوطي- القواعد النورانية لابن تيمية.









