حين نطق القرآن بسرّ الكون: كلمة واحدة تروي حكاية الخلق

حين نطق القرآن بسرّ الكون: كلمة واحدة تروي حكاية الخلق
2025/11/22

تُعَدّ الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾ [فصلت:11] من الآيات الكونية التي حملت وجهًا من وجوه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، إذ تشير إلى مرحلة مبكرة من نشأة الكون حين كان مليئًا بالغازات الساخنة.

فالسماء هنا بمعنى العلو؛ لأنها لم تكن مخلوقة بعد، بل كانت كالدخان، أي بخارًا مرتفعًا متصاعدًا من الماء الذي سبق خلق الأرض، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَاۤءِ﴾ [هود:7].

 وقد فسّر العلماء هذا الدخان بأنه بخار الماء المتصاعد حين خلقت الأرض، فاندفع من الماء بخار كثيف صار كالدخان.

يقول الشيخ رشيد رضا إن لهذا الماء ثلاث حالات:

السائلة، والجامدة حين البرودة، والبخارية حين الحرارة، فإذا اختلط بخار الماء بغيره سُمّي دخاناً.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الدخان المقصود هو بخار الماء نفسه، كما نُقل عن الصحابة والتابعين.  وجاء في لسان العرب أن كل بخار متصاعد من ماء حار يُسمّى دخانًا.

فهذه الآية تكشف عن لحظة دقيقة من عمر الكون عندما كان مليئًا بالغاز الحار والغبار الكوني الذي يشبه الغيوم، وهي الحالة التي يصفها علماء الفلك اليوم بأنها المرحلة الغازية الأولى لنشأة المجرات والنجوم.

وقد عبّر القرآن عن هذه الحقيقة الكونية العظيمة بكلمة واحدة هي «دُخَانٌ»، فاختزل أوصاف العلماء المتعددة من «غاز حار» و«غبار كوني» و«غيوم من الغاز» في لفظ جامع ومعبر يحمل في طياته معنى الغاز والحرارة والغيوم في آنٍ واحد.

وهذا التعبير القرآني الموجز يُعد إعجازًا علميًا ولغويًا، إذ يجمع بين الدقة العلمية والبلاغة اللغوية في تصوير حال الكون قبل تكوين السماوات والأرض.

وهكذا تكشف الآية الكريمة عن توافق مدهش بين البيان القرآني القديم وحقائق العلم الحديث، لتبقى كلمة الله شاهدة على إعجازه في الخلق والبيان.

شاركنا:

اكتب لنا في التعليقات اسمًا من أسماء الله الحسنى خطر ببالك وأنت تقرأ هذه الفائدة

بحث

الأكثر تداولاً

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة