يقول الله تعالى:
﴿ٱلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَاۤ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡا۟ أَجۡرٌ عَظِیمٌ﴾ [آل عمران ١٧٢]
أي: الذين استجابوا لأمر الله ورسوله عندما دُعوا إلى الخروج للقتال في سبيل الله، وملاقاة المشركين في غزوة «حمراء الأسد» -على بُعْدِ 8 أَميالٍ مِنَ المدينةِ- التي أعقبت أُحُدًا بعدما أصابتهم الجروح يوم أُحد، فلم تمنعهم جروحهم من تلبية نداء الله ورسوله. للذين أحسنوا منهم في أعمالهم، واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، أجر عظيم من الله، وهو الجنة. [المختصر في التفسير]
عن ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما قال:
لَمَّا انصَرَفَ المشرِكون عن أُحُدٍ وبلَغوا الرَّوحاءَ [مَوضِعٌ بينَ مكَّة والمدينة]، قالوا: لا محمَّدًا قتلتموه، ولا الكواعبَ أردَفْتُم، وبِئسَ ما صنعتُم، ارجِعوا، فبلَغ ذلك رسولَ الله ﷺ، فندَب النَّاسَ فانتدبوا حتَّى بلَغوا حمراءَ الأسدِ وبئرَ أبي عِنَبَةَ، فأنزَل اللهُ تعالى: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ …) [آل عمران: 172] [صحيح أسباب النزول للوادعي، ص: 66]
وعن أهل هذه الآية، قالت عائشةُ رضِي اللهُ عنها لِعُروَةَ: «يا ابنَ أُختي، كانَ أبَواكَ منهُم: الزُّبَيْرُ وأبو بكرٍ» [البخاري (4077)]
وقد وُصفت هذه الآيةُ بأنها "أمدحُ آية في القرآن لطائفةٍ مؤمنةٍ" إذ إنهم استجابوا لنداء الخروج رغم ما نالهم من قروح "أُحُد" وجراحها الجسدية، وآلامها النفسية والمعنوية، وهذا لا يطيقه كلُّ أحدٍ، ولولا فضل الصحابة وميزتهم عن الخلق ما استجابوا للخروج في هذا الوقت العصيب.
ولعل أبلغ ما يصف صعوبة الموقف هو ما حكاه أحد الصحابة -رضوان الله عليه-:
شهدتُ أُحدًا مع رسول الله ﷺ أنا وأخٌ لي فرجَعنا جريحيْنِ، فلما أذَّن مؤذنُ رسول الله ﷺ بالخروج في طلب العدو، قلت لأخي - أو قال لي -: أتفوتنا غزوةٌ مع رسول الله ﷺ؟ والله ما لنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله، وكنتُ أيسر جراحًا منه، فكان إذا غلب حملته عُقبة، ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون! [تفسير ابن كثير]
فلنجعل من قصة "حمراء الأسد" معياراً نقيس به صدقنا: هل نستجيب لأوامر الله ونواهيه في حالتنا التي نراها "قرحاً" (سواء كانت ضائقة مالية، أو أزمة نفسية، أو ضغطاً اجتماعياً)، أم نتخذ من هذه الظروف عذراً للتراخي؟
💬 إن هذه الآية حقًا كاشفة وفاضحة لصدق استجابتنا للأوامر والنواهي .. فأين ترى نفسَك منها؟!









