تمهيد:
يقدّم القرآن الكريم قصة قوم ثمود كنموذج صارخ لعاقبة الإصرار على التكذيب رغم وضوح الدليل.
وقد كان نبيّهم صالح عليه السلام رسول رحمةٍ لقومٍ بلغوا ذروة الحضارة والقوة، ومع ذلك أعرضوا عن الهداية حتى جاءت الناقة آيةً بيّنة لا لبس فيها.
أولاً: دعوة صالح عليه السلام وقوم ثمود:
نشأ ثمود في منطقة الحِجر شمال الجزيرة العربية، وكانت لهم حضارة مبهرة، ينحتون الجبال بيوتاً آمنة كما قال تعالى:
{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ} [الحجر: 82].
أرسل الله إليهم صالحاً يدعوهم إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام، ويذكّرهم بنِعَم الله، كما قال سبحانه:
{هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].
وقد بيّن أهل التفسير، أن صالحاً كان معروفاً بينهم بالحكمة والصدق قبل نبوّته، فكانت دعوته قائمة على الحجة والبيان، إلا أنّ كبرياءهم منعهم من الاتباع.
ثانياً: معجزة الناقة… آية العدل والابتلاء:
طلب ثمود من صالح معجزة حسية تحدّياً له، كما جاء في بعض الروايات الصحيحة أن رؤساءهم طلبوا أن تخرج لهم ناقة من صخرة عظيمة. فدعا صالح ربّه، فأخرج الله ناقةً خارقة للعادة، قال تعالى:
{هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [الأعراف: 73].
جاءت الناقة بصفات عجيبة: تشرب الماء يوماً وتتركه لهم يوماً، وكان لبنها يكفي القبيلة كلها، كما ورد في التفسيروكانت هذه القسمة اختباراً لهم، بيّن سبحانه:
{وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: 28].
وتذكر الأحاديث الثابتة أن الناقة كانت معجزة بينة.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن ثمود:
"لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذرًا أن يصيبكم مثل ما أصابهم." (متفق عليه).
وهذا يدل على خطورة موقف ثمود، وأن معجزة الناقة كانت حجّة قاطعة عليهم.
لكنّهم بعد العناد والكبر تآمروا على قتل الناقة،
قال تعالى:
{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} [القمر: 29].
فحاق بهم العقاب الموعود:
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} [الحجر: 83].
وقد نصّ المفسرون على أن عقر الناقة لم يكن مجرد قتل دابة، بل كان تمرداً على أمر الله واستهزاءً بآيته.
وفي الختام
إن قصة صالح والناقة تذكّرنا بأن الحق لا تقوم له قائمة دون الامتثال لله، وأن المعجزة لا تُثمر ما لم يفتح القلب باب الإيمان.
شاركنا في التعليقات ما الدرس الأبرز الذي تستخلصه أنت من قصة الناقة وقوم ثمود؟









