قال الله تعالى:
﴿وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِی مُدۡخَلَ صِدۡقࣲ وَأَخۡرِجۡنِی مُخۡرَجَ صِدۡقࣲ وَٱجۡعَل لِّی مِن لَّدُنكَ سُلۡطَـٰنࣰا نَّصِیرࣰا﴾ [الإسراء ٨٠].
عن ابن عباس قال:
كان النبي ﷺ بمكة، ثم أمر بالهجرة، فأنزل الله: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾.
والمعنى أدخلني فيما أمرتني به، وأخرجني مما نهيتني عنه، والآية عامة في كل ما تتناوله من الأمور، والمقصود منه أن يكون صدق العبودية حاصلاً في كل دخول وخروج وحركة وسكون.
قال السعدي:
أي: اجعل مداخلي ومخارجي كلها في طاعتك وعلى مرضاتك، وذلك لتضمنها الإخلاص وموافقتها الأمر.
وهو دعاء يعلمه الله لنبيه ليدعوه به، ولتتعلم أمته كيف تدعو الله وكيف تتجه إليه، دعاء بصدق المدخل وصدق المخرج، كناية عن صدق رحلة الحياة كلها، بدئها وختامها، أولها وآخرها وما بين الأول والآخر.
وهذه الدعوة من أنفع الدعاء للعبد؛ فإنه لا يزال داخلاً في أمر وخارجًا من أمر، فمتى كان دخوله لله وبالله، وخروجه كذلك؛ كان قد أُدخل مدخل صدق، وأُخرج مخرج صدق.
وقد أمر الله تعالى رسوله أن يسأله أن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق كما بينت الآيات، وأخبر عن خليله إبراهيم ﷺ، أنه سأله أن يهب له لسان صدق في الآخرين، فقال: ﴿واجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ﴾ [الشعراء: ٨٤]. وبشر عباده بأن لهم عنده قدم صدق، ومقعد صدق. فقال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أنَّ لَهم قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [يونس: ٢]. وقال: ﴿إنَّ المُتَّقِينَ في جَنّاتٍ ونَهَرٍ في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر: ٥٤-٥٥].
فهذه خمسة أشياء: مدخل الصدق، ومخرج الصدق، ولسان الصدق، وقدم الصدق، ومقعد الصدق
وحقيقة الصدق في هذه الأشياء: هو الحق الثابت، المتصل بالله، الموصل إلى الله، وهو ما كان به وله، من الأقوال والأعمال.
﴿وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ أي: حجة ظاهرة، وبرهانًا قاطعًا على جميع ما آتيه وما أتركه.
وهذا أعلى حالة ينزلها الله العبد، أن تكون أحواله كلها خيرًا ومقربة له إلى ربه، وأن يكون له -على كل حالة - دليلاً ظاهرًا، وذلك متضمن للعلم النافع، والعمل الصالح.
إنها آية تهز القلوب هزًا، وتجعله يترقب مدخله ومخرجه، هل هو سائر على طريق التوفيق والسداد أم لا؟!
ردد معنا بقلبك واكتب في التعليقات:
اللهم أدخلني مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا
شارك هذا المقال
