حين خلق اللهُ السموات والأرض، وضع نظامًا دقيقًا للكون، جعل فيه السَّنةَ اثنيْ عشَر شهرًا.
واختار من بينها أربعةَ أشهرٍ اختصَّها بمزيد تعظيم وتشريف؛ وهي الأشهر الحرم: ذُو القَعدةِ، وذو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورجَبٌ.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرࣰا فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ یَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَاۤ أَرۡبَعَةٌ حُرُمࣱۚ ذَ ٰلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُوا۟ فِیهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ﴾ [التوبة ٣٦]
ففي هذه الآية: يُخبِرُ تعالى أنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ اثنَا عشَرَ شَهرًا، في حكم الله وتقديره المسطَّر في اللوح المحفوظ منذُ خلَقَ السَّمواتِ والأرضَ، منها أربَعةٌ يَحرُمُ فيها القتال وانتهاكُ المَحارِمِ أشَدَّ ممَّا يَحرُمُ في غَيرِها.
وقد جاء بيانُ هذه الأشهر الأربعة، في قوله ﷺ بإحدى خطبه في حجة الوداع:
«إنَّ الزَّمانَ قد استدارَ كهَيئَتِه يومَ خَلَقَ اللهُ السَّمَواتِ والأرضَ؛ السَّنةُ اثنا عشَرَ شَهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ متوالياتٌ: ذُو القَعدةِ، وذو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورجَبٌ شَهرُ مُضَرَ، الذي بين جُمادى وشَعبانَ». رواه البخاري ومسلم.
🌙 عظِّمْ ما عظَّمَ الله!
ومن خصائص الأشهر الحرم أن الله عز وجل "جَعَلَهُنَّ حَرَامًا، وعَظم حُرُماتهن، وَجَعَلَ الذَّنْبَ فِيهِنَّ أَعْظَمَ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْأَجْرَ أَعْظَمَ"، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾
إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا، مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ.
🤲 فرصة للتوبة
يقول أهل التفسير: إن السِّرُّ في أنَّ اللَّهَ تَعالى عَظَّمَ بَعْضَ الشُّهُورِ عَلى بَعْضٍ؛ لِيَكُونَ الكَفُّ عَنِ الهَوى فِيها ذَرِيعَةً إلى اسْتِدامَةِ الكَفِّ في غَيْرِها تَدْرِيجًا لِلنَّفْسِ إلى فِراقِ مَأْلُوفِها المَكْرُوهِ شَرْعًا.
بمعنى أن الذي استطاع أن يكف نفسَه عن الظلم والذنوب في هذه الأشهر، سيكون من الأيسر عليه الاستدامة على ذلك طوال عامه.
ولهذا فإنه من أعظم ما نغتنمه في الأشهر الحرم هو تجديد التوبة والرجوع إلى الله، والتخلص من أعباء الذنوب.
💡 فاغتنمها بالتوبة، والصلاة، والذكر، وصلة الرحم، والإحسان إلى الناس.
🌟 لا تظلمها... فإنها غالية!
نفسك أمانة، وزمانك محدود، فلا تظلم نفسك في زمن عظّمه الله، وعظّم ما عظّم الله، ولا تكن في الأزمنة الفاضلة لاهيا أو غافلاً ..
عاهد نفسك فالطريق إلى الله يبدأ بخطوة صدق... فلنجعلها في أشهرٍ عظّمها الله.
💭 ما هو أول قرار ستتخذه في هذه الأشهر المباركة؟🤔 .. أخبرنا في التعليقات!✍️









