يقول تعالى:
﴿وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلَّتِی كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ یَعۡدُونَ فِی ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِیهِمۡ حِیتَانُهُمۡ یَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعࣰا وَیَوۡمَ لَا یَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِیهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ﴾ [الأعراف:163].
أي: سل –يا محمد ﷺ– هؤلاء اليهود الذين يجاورونك عن قصة القرية الساحلية التي اعتدت على أمر الله يوم السبت، حين تجاوزوا حدوده واحتالوا على محارمه. فقد حرَّم الله عليهم الصيد في هذا اليوم، فكانوا يتعمّدون اصطياد السمك فيه، إذ كانت الحيتان تظهر يوم السبت على سطح الماء بكثرة، وتختفي في سائر الأيام.
فابتكروا حيلة ماكرة: حفروا حياضًا قرب الشاطئ، فكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم الجمعة، فتظل حبيسة فيها لقلة الماء، فيأخذونها يوم الأحد، زاعمين أنهم لم يصطادوها في السبت.
وأشار قوله تعالى ﴿حِيتانُهُمْ﴾ إلى أن الله خلقها لهم رزقًا، ولو صبروا لنالوها بالحلال، لكنهم استعجلوا المعصية فابتلاهم الله.
وهكذا وقعوا في جريمة التحايل على أوامر الله، وهو ما حذّر منه النبي ﷺ بقوله:
"لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ"
وبيّن ﷺ مثالًا آخر للتحايل فقال:
"قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا"
أي أذابوها ثم باعوها، فاستحلوا ما حُرِّم عليهم بتغيير اسمه وهيئته.
قال الخطابي:
في هذا الحديث بيان بطلان كل حيلة يُتوصَّل بها إلى المحرم، وأن تغيّر الاسم لا يغيّر الحكم.
ومن صور التحايل في عصرنا:
-
من يطلّق زوجته في مرض موته ليمنعها من الميراث.
-
من يأخذ الرشوة في صورة “أتعاب” أو “مصاريف معاملة”.
-
من يعقد زواج “المحلل” ليعيد مطلقته بعد البينونة الكبرى.
الدروس المستفادة:
-
النهي عن التحايل على محارم الله.
-
بيان سوء حال اليهود الذين خادعوا ربهم بالحيل.
-
من يعصي الله يُبتلى بالبلاء والمحن جزاءً لفسقه.
نحتاج رأيك:
من هو الأخطر:
من يعصي الله جهارًا، أم من يتحايل باسم الدين؟
..........................
المصادر: تفسير الطبري – فتح البيان للقنوجي – تفسير ابن كثير – تفسير القرطبي – تفسير السعدي – معالم السنن للخطابي.









