قصة خلقك مكتوبة منذ البداية... هل تأملت أول سطر منها؟

قصة خلقك مكتوبة منذ البداية... هل تأملت أول سطر منها؟
2025/10/16

تتجلى عظمة الخالق سبحانه في كل طور من أطوار خلق الإنسان، حيث يصور القرآن الكريم بدقة بليغة نشأة الإنسان من نطفة أمشاج، في بيان معجز يجمع بين عمق المعنى الإيماني والدقة العلمية المدهشة. قال الله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [الإنسان: 2].

 

أول سطر في قصة خلقك:

يقول الله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ أي: على ما لنا من العظمة والكبرياء خلقنا ذرية آدم من نطفة، يعني: من ماء الرجل وماء المرأة، والنطفة: كلّ ماء قليل في وعاء؛ أي خلقناه من مادة هي شيء يسير جدًا من الرجل والمرأة معًا.

 

ما معنى الأمشاج؟

وقوله: ﴿أمْشاجٍ﴾ يعني: أخلاط. واختلف أهل التفسير في معنى الأمشاج الذي عني بها في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.

عن الربيع بن أنس، قال: إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج.

وقال آخرون: أطوار الخلق، طورًا نطفة، وطورًا علقة، وطورًا مضغة، وطورًا عظامًا، ثم كسى الله العظام لحمًا، ثم أنشأه خلقا آخر، أنبت له الشعر.

قال الطبري:

وأشبه هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى ذلك ﴿مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ نطفة الرجل ونطفة المرأة.

 

سر الإبتلاء:

وقوله: ﴿نَبْتَلِيهِ﴾ أي نختبره. كَقَوْلِهِ: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا﴾ [الْمُلْكِ:٢].

وحقيقة الابتلاء: الاختبار لتعرف حال الشيء، وهو هنا كناية عن التكليف بأمر عظيم لأن الأمر العظيم يظهر تفاوت المكلفين به في الوفاء بإقامته.

وكأنه سبحانه وتعالى ذكر الغاية من الخلق، وهي الابتلاء، فقال: أي نعامله بما لنا من العظمة بالأمر والنهي والوعظ معاملة المختبر ونحن أعلم به منه، ولكنا فعلنا ذلك لنقيم عليه الحجة، فإن العاصي لا يعلم أنه أريد منه العصيان، وكذا الطائع.

قال السعدي:

﴿نَبْتَلِيهِ﴾ بذلك لنعلم هل يرى حاله الأولى ويتفطن لها أم ينساها وتغره نفسه؟

 

لماذا خص السمع والبصر؟

يقول تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾. أي: فجعلناه ذا سمع يسمع به، وذا بصر يبصر به، إنعامًا من الله على عباده بذلك، ورأفة منه لهم، وحجة له عليهم. وخصهما بالذكر؛ لأنهما أعظم الحواس وأشرفها.

أي جعلناه عظيم السمع والبصر والبصيرة ليتمكن من مشاهدة الدلائل ببصره، وسماع الآيات بسمعه ومعرفة الحجج ببصيرته فيصح تكليفه وابتلاؤه، وقدم السمع لأنه أنفع في المخاطبات؛ ولأن الآيات المسموعة أبين من الآيات المرئية.

 

وجه الإعجاز العلمي:

تأخذ البيضة الملقحة شكل قطرة، وهذا يتفق تمامًا مع المعنى الأول للفظ "نطفة" أي: قطرة. ومعنى  "الأمشاج" أي: قطرة مختلطة من ماءين وهما: نطفة الرجل ونطفة المرأة.

فكلمة أمشاج من الناحية العلمية دقيقة تمامًا، وهي صفة جمع، تصف كلمة نطفة المفردة التي هي عبارة عن كائن واحد يتكون من أخلاط متعددة تحمل صفات الأسلاف والأحفاد لكل جنين.

 

الآية تُدخل السرور على  الناس:

وهذه الآية فيها من رحمة الله ما يُدخل السرور على الناس، إذ بيّن سبحانه أن الخلق من النطفة الأمشاج، مما فتح المجال لتخليق الجنين سواء عن طريق الجماع أو الإخصاب خارج الرحم كما في طفل الأنابيب أو الحقن المجهري.

 

وهكذا تكشف الآية الكريمة عن سرّ الخلق والابتلاء، وعن نعمتي السمع والبصر اللّتين بهما يُمتحن الإنسان ويُقام عليه الحجة، ليبقى خلق الإنسان شاهدًا على قدرة الله وإعجازه في الخلق والتدبير.

 

شاركنا الرأي:

ما أكثر ما يثير في نفسك التأمل حين تتفكر في مراحل خلق الإنسان من نطفة أمشاج إلى إنسان كامل؟

.....................

تفسير الطبري، فتح البيان للقنوجي، تفسير السعدي، نظم الدرر للبقاعي، التحرير والتنوير لابن عاشور، أبحاث المركز الدولي للإعجاز العلمي، سر الإعجاز الإلهي في النشأة الجنينية والخلق للدكتور علي محمد الصلابي.

بحث

الأكثر تداولاً

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة