
عيد الأضحى هو أحد العيدين الذيْن شرعهما اللهُ جلَّ ثناؤه للمسلمين، وأعيادُنا من شعائر الدين وعباداته، وهي قُربةٌ لله عز وجل، فيها تعظيمٌ له سبحانه، وإظهارٌ للفرح والسرور بهذه النعمة، وهي مرتبطة بعبادات عظيمة. فعيدُ الأضحى مرتبطٌ بركنٍ من أركان الإسلام، وهو الحج، كما أن عيد الفطر مرتبط بركن آخر وهو الصيام؛ فأعيادنا تأتي بعد إتمام طاعةٍ لله ربِّ العالمين.
ومن أبرز معالم الأعياد في ديننا إظهارُ الفرح والسرور فيها، ونشر البهجة بين المسلمين، والتوسعة على الأهل والأولاد، والاستمتاع باللهو المباح.
تقول أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِندِي جَارِيَتَانِ مِن جَوَارِي الأنْصَارِ، تُغَنِّيَانِ بما تَقَاوَلَتْ به الأنْصَارُ، يَومَ بُعَاثَ ، قالَتْ: وَليسَتَا بمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ في بَيْتِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ وَذلكَ في يَومِ عِيدٍ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: [دَعْهُما] يا أَبَا بَكْرٍ إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهذا عِيدُنَا. [البخاري ومسلم]
إظهار السرور.. عبادة!💫
قال ابن حجر رحمه الله: «وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ: مَشْرُوعِيَّةُ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ فِي أَيَّامِ الْأَعْيَادِ بِأَنْوَاعِ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ بَسْطُ النَّفْسِ وَتَرْوِيحُ الْبَدَنِ مِنْ كَلَفِ الْعِبَادَةِ … وَفِيهِ أَنَّ إِظْهَارَ السُّرُورِ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ» [فتح الباري (2/ 443)].
وقد رخّص النبيًُّ ﷺ في اللعب والترويح عن النفس في العيد، فقد أذن للأحباش أن يلعبوا بالحراب والدَّرَق (التروس) في المسجد يوم العيد، بل شجعهم قائلاً: "دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ" أي: تابِعوا اللَّعِبَ. وأذِن النبيُّ ﷺ أيضًا لعائشة رضي الله عنها أن تنظر إليهم وهم يلعبون، ورسول الله ﷺ يحجبها ببدنه حتى ملت. ولما حاول عمر رضي الله عنه منعهم، قال له النبي ﷺ: "دَعْهم يا عمرُ فإنَّهم بنو أَرْفِدَةَ". وفي بعض طرق الحديث بيانٌ لعلة سماحه صلى الله عليه وسلم بلهو الأحباش في المسجد، خلافًا للمعهود من صيانة المسجد عن مثل هذا؛ فقال ﷺ: «خُذُوا يا بَنِي أَرْفِدَةَ ! حتى يَعْلَمَ اليَهودُ و النَّصارَى أنَّ فِيَ دِينِنا فُسْحَةً». أي أنَّ الإسلامَ فيه فُسحةٌ مَشروعةٌ للَّعِبِ والتَّرويحِ في أوقاتٍ مَعلومةٍ بما لا يُخِلُّ بثوابتِ الشَّرعِ.
فالإسلام لا يمنع الفرح، بل يأمر به في مواطنه، ويحثّ على إظهاره، وخاصة في أيام العيد. ولهذا؛ تشرع في العيد التوسعة على النفس والأهل، والتهنئة، ولبس الجميل من الثياب، وزيارة الأقارب وصلة الأرحام، وإطعام الفقراء، ومشاركة الفرحة مع جميع المسلمين.
انشروا البهجة في العيد🎊
ومن صور إظهار الفرح والسرور في العيد:
1. التكبير: ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو شعار العيد وفرحته.
2. الاغتسال والتجمّل: وهو مستحب، تعبيرًا عن الفرح بنعمة الله.
3. أداء صلاة العيد: وهي من أعظم شعائر الإسلام في هذا اليوم، والاجتماع فيها مما يدخل السرور والفرح على قلوب المسلمين.
4. التهنئة بالعيد: مثل قول: "تقبل الله منا ومنكم، عيدكم مبارك".
5. الأضحية: وهي شعيرة عظيمة، ومن أعظم القربات إلى الله في العيد، كما أن التصدق والإهداء منها فيه توسعة على الجيران والفقراء، وهو مما ينشر البهجة والسرور بينهم.
6. صلة الأرحام وزيارة الأقارب: مما يزيد المحبة والتراحم ويسعد القلوب.
7. الفرح المشروع للأطفال: عبر التوسعة عليهم والسماح لهم باللهو والفرحة، كما أقرّه النبي ﷺ عندما رأى الجواري ينشدن في العيد.
8- التوسعة في الأكل والشرب: كما أرشد النبي ﷺ إلى ذلك: «يومُ عَرَفةَ، ويومُ النحْرِ، وأيامُ مِنًى، عيدُنا أهلَ الإسلامِ، وهي أيامُ أكْلٍ وشُربٍ». [صحيح سنن أبي داود (2144)]
الفرح لا يعني الغفلة أو الإسراف
رغم أن العيد يوم فرح وسرور، إلا أن الإسلام يأمر بالفرح المشروع؛ الذي لا لا مجال فيه لمعصية الله أو التعدي على حدوده باسم الفرح. قال تعالى: ﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ﴾ [يونس: 58].
وعليه؛ فالفرح في العيد لا يكون بالاختلاط المحرم، أو الإسراف في الطعام واللباس، أو بالتقصير في الصلوات، أو بقطيعة الأرحام. بل هو فرحٌ بطاعة الله وفي طاعة الله.
فاللهَ نسألُ أن يجعل عيدنا هذا موعدًا لنشر الفرحة والسرور والبهجة بين المسلمين جميعًا، وأن يكتب فيه فرجًا لكل مكروب ومهموم ومحزون.
🎈 ما أكثر ما يُدخل السرور إلى قلبك في العيد؟ أكتب لنا!
🤲 لا تنسَ أن تنشر الفرح والبهجة.. وشارِك المقال مع من تحبّ!👇