مؤمنُ آل فرعون.. صوتُ الحقِّ في وجه الطغيان!

مؤمنُ آل فرعون.. صوتُ الحقِّ في وجه الطغيان!
2025/11/12

في سياق قصة موسى عليه السلام مع فرعون، يبرز نموذج فريد من نماذج الصدع بالحق في أحلك ظروف الظلم والطغيان، إنه "مؤمن آل فرعون"، الذي خلد القرآن ذكره في سورة غافر، المعروفة أيضًا بـ«سورة المؤمن» في قوله:

﴿وَقَالَ رَجُلࣱ مُّؤۡمِنࣱ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَكۡتُمُ إِیمَـٰنَهُۥۤ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن یَقُولَ رَبِّیَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَاۤءَكُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن یَكُ كَـٰذِبࣰا فَعَلَیۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن یَكُ صَادِقࣰا یُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِی یَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ﴾ [غافر ٢٨]

المشهور أن هذا الرجل المؤمن كان قبطيًا من قَرَابَةِ فِرْعَوْنَ وَخَاصَّتِهِ، وكان يكتم إيمانه عن قومه القبط فلم يَظهرْ إلا هذا اليوم، في أخطر المواقف، حين قال فرعون: ﴿ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى﴾؛ فأخذت الرجلَ غضبةٌ لله عز وجل و«أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سُلطانٍ جائرٍ»، ولا أعظمَ من هذه الكلمة عند فرعون وهي قوله: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾؛ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ!

فاستعمل هذا الرجلُ المؤمن في ‌مُحاجَّةِ فرعون ومَلَئِه ودعوتهم عدةَ أساليب:

  • منها: الحكمة والمنطق لمحاولة إثنائهم عن قتل موسى، فوَضَعَهم أمام خياريْن:
    - إن يك كاذبًا: فكذبه يعود عليه، ولن يَضيرَكم في شيءٍ.
    - وإن يك صادقًا: فينبغي ألا تتعرضوا له بأذى حتى لا يصيبكم ما توعدكم به من عذابٍ.
  • ومنها: تحذير قومِه من زوال نعمة الله عنهم وحلول نقمة الله بهم: ﴿يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ … ﴾
  • ومنها: تحذير قومِه بأسَ الله تعالى في الدنيا والآخرة فقال: ﴿يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ … ﴾، ﴿وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ .. ﴾
  • ومنها: وعظُ قومِه وتزهيدهم في الدنيا، ودعوتهم إلى عبادة الله وحده وتصديق رسوله الذي بعثه: ‌‌﴿وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ …﴾
  • فلما استشعر منهم رفض نصيحته، اعتصم بالله وفوَّض أمره إليه سبحانه: ﴿فَسَتَذۡكُرُونَ مَاۤ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِیۤ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ﴾ 
  • وإزاء هذا الصدع بالحق ونصرة موسى عليه السلام وإرادة الخير بقومه، كان هذا الرجل المؤمن جديرًا بالعاقبة الحميدة؛ فكانت نهاية هذه القصة دليلًا على صدق توكله وعظيم حفظ الله له: ﴿فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِ مَا مَكَرُوا۟ۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوۤءُ ٱلۡعَذَابِ﴾

💫 قصة مؤمن آل فرعون تعلمنا أن الثبات على الحق لا يحتاج كثرة، بل صدقًا وشجاعة .. هل تتفق؟!

بحث

الأكثر تداولاً

مع تطبيق مصحف المدينة استمتع بتفسير شامل للآيات يساعدك على فهم القرآن الكريم بسهولة

حمل مصحف المدينة الآن

مدار للبرمجة © 2021 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة