قال الله تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّ مِنۡ أَزۡوَ ٰجِكُمۡ وَأَوۡلَـٰدِكُمۡ عَدُوࣰّا لَّكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُمۡۚ وَإِن تَعۡفُوا۟ وَتَصۡفَحُوا۟ وَتَغۡفِرُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ﴾ [التغابن:14].
ينادي الله عباده المؤمنين بنداء الرحمة والتحذير، ليذكّرهم أن العدو قد يكون من الزوجة والولد، وأن الحذر منهما واجب حتى لا تكون العاطفة بابًا لعصيان الخالق.
ومن صور هذه العداوة:
ما ذكره مجاهد بن جبر بقوله:
والله ما عادوهم في الدنيا ولكن حملتهم مودتهم على أن اتخذوا لهم الحرام فأعطوهم إياه.
وهذه صورة أخرى ذكرها ابن القيم فقال:
ليس المراد بهذه العداوة ما يفهمه كثير من الناس أنها عداوة البغضاء والمحادة بل إنما هي عداوة المحبة الصادة للآباء عن الهجرة وتعلم العلم والصدقة.
وهذا يبين وجه العداوة، فإن العدو لم يكن عدوًا لذاته وإنما كان عدوًا بفعله، فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوًا، ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد وبين الطاعة.
وذُكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة، فثبَّطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم.
عن ابن عباس، قال: سأله رجل عن هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ قال: هؤلاء رجال أسلموا، فأرادوا أن يأتوا رسول الله ﷺ؛ فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا رسول الله ﷺ؛ فلما أتَوا رسول الله ﷺ فرأوا الناس قد فقهوا في الدين، هموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله جلّ ثناؤه ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ﴾.
ولفظ الآية مع ذلك على عمومه في التحذير ممن يكون للإنسان عدوًا من أهله وأولاده، سواء كانت عداوتهم بسبب الدين أو الدنيا.
ثم أرشد الله تعالى المؤمنين إلى السلوك القويم والحل الأمثل.
قال الشنقيطي:
ومما يعتبر توجيهًا قرآنيًا لعلاج مشاكل الحياة الزوجية، قوله تعالى: ﴿وَإِن تَعۡفُوا۟ وَتَصۡفَحُوا۟ وَتَغۡفِرُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ﴾، أي: إن عداوة الزوجة والأولاد لا ينبغي أن تقابل إلا بالعفو والصفح والغفران، وأن ذلك يخفف أو يجنب الزوج والوالد نتائج هذا العداء، وأنه خير من العداء والخصام.
أوجه الاستفادة:
- النهي عن الطاعة فيما هو معصية لله.
- وجوب أن يؤثر العبد الآخرة على الدنيا.
- الحياة الزوجية تُبنى بالعفو واللين في التعامل.
- على المؤمن أن يوازن بين محبته لأهله وواجباته الشرعية.
تحدي التدبر:
في أي سورة ورد التحذير الرباني من الانشغال بالأهل والمال عن ذكر الله؟









