افتتحت سورة محمد ﷺ الحديث عن نعيم الجنة بقوله تعالى ﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد:٦]. أي بيَّنها لهم، حتى إن الرجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدنيا.
ثم ذكر سبحانه صفات من يدخل الجنة فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ [محمد:١٢]. فهي للذين اتقوا عقابه في الدنيا بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، وعملوا الصالحات.
ثم شرح محاسن الجنة الموعودة لهم وبيان كيفية أنهارها التي أشير إلى جريانها من تحتها، فقال تعالى:
﴿مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِیهَاۤ أَنۡهَـٰرࣱ مِّن مَّاۤءٍ غَیۡرِ ءَاسِنࣲ وَأَنۡهَـٰرࣱ مِّن لَّبَنࣲ لَّمۡ یَتَغَیَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَـٰرࣱ مِّنۡ خَمۡرࣲ لَّذَّةࣲ لِّلشَّـٰرِبِینَ وَأَنۡهَـٰرࣱ مِّنۡ عَسَلࣲ مُّصَفࣰّىۖ وَلَهُمۡ فِیهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ وَمَغۡفِرَةࣱ مِّن رَّبِّهِمۡۖ﴾ [محمد ١٥].
فهذه الجنة فيها أنهار من ماء غير آسن أي من ماء غير متغير الريح والطعم. وفيها أنهار من لبن لم يتغير طعمه؛ لأنه لم يحلب من حيوان فيتغير طعمه بالخروج من الضروع، ولكنه خلقه الله ابتداء في الأنهار، فهو بهيئته لم يتغير عما خلقه عليه.
وفيها أنهار من خمر لذة للشاربين يلتذّون بشربها، ليس في شربها ذهاب عقل ولا صداع ولا آفة من آفات خمر الدنيا، بل هي لمجرد الالتذاذ وتفريح الطبع فقط.
وفيها أنهار من عسل قد صُفِّي من القاذورات، وما يكون في عسل أهل الدنيا قبل التصفية، فقد خُلق في الأنهار ابتداءً سائلاً جاريًا سيل الماء واللبن المخلوقين فيها.
ولهؤلاء المتقين في هذه الجنة مع هذه الأنهار التي ذكرنا من جميع الثمرات التي تكون على الأشجار.
وفي ذكر الثمرات بعد الأنهار إشارة إلى أن مأكول أهل الجنة للذة لا لحاجة، فلهذا ذكر الثمار بعد المشروب؛ لأنها للتفكه واللذة.
ولهم فوق ذلك كله عفو من الله لهم عن ذنوبهم التي أذنبوها في الدنيا، والمراد بالمغفرة هنا ستر ذنوبهم، وعدم ذكرها لهم لئلا يستحيوا فتتنغص لذتهم.
هل اشتقت إلى الجنة؟!
قال رسول الله ﷺ: "إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تُفَجَّر أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ".
اكتب معنا في التعليقات:
اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى









